لأغادر قلبي

لأغادر قلبي

نصوص 

 

لأغادر قلبي 

فوزية السندي*   

إهداء إلى شاعرة أتلفت روحي .. إيميلي ديكنسون. 

******* 

قلتِ:
أنا لا أحد
هل أنت لا أحد أيضاً”؟ 

ما أقساكِ علينا
وأنتِ ترتبين الفراغ تلو الفراغ ليكتبنا
دسيسة ضليعة بهواء الليل
مدسوسة كالحمّى في دمنا القليل
ريشة غادرت عصفوراً ضريراً
يجول الفضاء بحثاً عن سواه 

من مثلكِ يا قديرة القلب المتخفّي بكل موت 

مرتدية بياضكِ الداهي
تعقدين شعركِ بقسوة ملاك
وتبدئين حفلكِ الضاري
ما إن تغترفين خفايا سَهْوكِ الجدير بقدركِ الواهي
وترشّين الورق المصفر بمزاياكِ
حتى عنوة تشدّين لجام الوجع الضاري
لتخُطّي حرفكِ حتفكِ
يا لهولكِ
لم أعرف امرأة تشبهكِ قطّ
كالشعر تماماً
لا أراكِ 

مأهولة بنواياكِ الأليفة وحناياك الفريدة
تدرسين فراغات الغرفة شلواً شلواً
قبل أن تدفعي الطاولة بعيداً
وتحلّقي لغياباتكِ الألف
ناهلة منتهاكِ منكِ 

إيميلي
حديقتُكِ ملّت صداكِ وصمتَكِ
بيتُكِ عاف تجوالكِ الخفيّ
قميصُكِ الأبيض المشغول بدانتيلا هواكِ
طاح طريحاً مهموماً بكِ 

إيميلي
شعركِ أتلف روحي
واغترف ما ينحر مِخيالي 

كلما دنوتُ من حرفكِ
تهاويتُ لمبتلاكِ 

لست وحدي
أداوي بكِ ما يشغل ذهلي
لِمَ تجرّأتِ وعُدتِ من موتكِ
ما إن تركوكِ ترفلين في تراب رطب يقرأ رعبكِ
حتى عدتِ برفقة وريقات يتيمة تضمّخت بدمعكِ
وأتقنت شعركِ
كيف تناسيتِ ما أحدثوه بكِ
وغفرتِ وعفوتِ وتهاديتِ
هكذا ببساطة شاعرة أدمت الحياة بصمتكِ 

صديقة روحي
تعبتُ من مهاتفة صداكِ طيلة عمري
ابتعدي قليلاً
لأجلو معناكِ منّي
وأغادر قلبي 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

* شاعرة من مملكة البحرين